نبذة عن الفكر السلفي الوهابي

الذهنية السلفية انشداد إلى الماضي وكره للحاضر وخوف من المستقبل
ألا لا يمنعن رجلا هيبةُ الناس، ان يقول بالحق ولو على النفس والغير ما دام شعارنا كلمة حق تقال …
ان النقد منتهى كل تفكير يحاول مغادرة حالة السكون التي هو فيه ، وهو تحرر من السلط المستحكمة على العقل ، خاصة ما يعتاده الناس ويألفونه ، سواء في تفكيرهم ، أو في حركتهم في الحياة ، أو فيما ينتجونه من الأفكار ، لأنه بدونه ، لا يمكن لفرد أو مجتمع أن يتقدم في طريقه ، وسيقف مراوحا مكانه ، لا يتجاوزه ، وذلك لأنه واقع في أسر الراهن والواقع والمألوف ، سابح في وحله ، لا يستطيع مجاوزته ، دون إحداث مسافة بينه وبين العقل ، تتيح له الخروج منه والنظر إليه دون خوف ، وذلك ما يحدث للسلفية الجهادية بالمغرب اليوم ، في لحظات معينة ، تقف فيها ناقدة لما مر بها أو لما تعيشه ولا تستطيع تجاوزه ، وهو امر طبيعي يحدث للفرد والجماعات والمجتمعات ، ، حين ينتقلون من مرحلة إلى مرحلة ، ومن وضع إلى وضع ، ، وتقلع عن مرحلة كاملة ، لتدخل أخرى ، وهي لا تكاد تنتبه إلى ذلك ، دون وجود حركة فكرية مقابلة ، ترشد وتعقلن هذا التغير ، وتسدده نحو سبله الصحيحة ، وهذا من معاني النقد .
لهدا كله ينبغي أن نمارس النقد ونوظفه ، فلا ندع سلطان الأشياء أو الخوف يستحكم فينا ، ولهذا يجب نقد الحركات والأفكار جميعا ، مهما بدت عظيمة ، أو مستعصية على النقد
إنها رؤية من الداخل،اي من داخل تيار ما يصنف امنيا بالسلفية الجهادية بالمغرب لأن التغيير يبدأ من الداخل.
وهي رؤيةٌ من الداخل، لأن كاتبها باعتباره وليد خبرة افرزتهاالتجربة الميدانية يؤمن بأن منهج السلف هو السبيل إلى إصلاح حال الأمة. ويفرق ما بين المنهج المنزل والدخيل المجزل, وهي رؤية من الداخل، فرضتها أحداث ومواقف كثيرة، مست المنهج السلفي ، وتعدت الخطأ الفردي، فلم يعد يجدي أن تقول: لعل للبعض عذراً وأنت تلوم. تأتي هذه الدراسة في وقت الحاجة إلى البيان، بعد أن أصبحت “السلفيةالجهادية” وصفاً محتكراً في أيدي مجموعة من الناس، يظن الواحد منهم أنه قيم على منهج السلف، فينادي بأعلى صوته “أنا السلفية الجهادية”، فمن كان “أنا” فهو “سلفي”، وإلا فليخرج من “السلفية” مذؤوماً مدحوراً.
وتساغ في دالك خطابات لا تمت للدعوة ولا للمرحلة بصلة, وما كنا نحسب أنه سيأتي زمان يخرج فيه نقاد من “السلفيين” من دائرة منهج السلف! ويخرجون فيه أهل العلم المعروفين بالتزامهم منهج السلف وان اخطاءوا كما وقع مع الاخ محمد الفيزازي وغيره ويخرجون فيه العاملين المجاهدين المتمسكين بالسنة الرافعين لوائها ككوادر الجماعة الاسلامية وغيرهم ممن كان ينحل فكر الجهاد وفق اجندة القاعدة . ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه إلى وصفهم باشنع الوصوف.. وانتهى الحال إلى تأليف كتب ورسائل، وإصدار تسجيلات في تصنيف واتهام من يخالف باجتهاده النمودج الفكري المطروح ولو كان من اعلمهم ، وقربهم من و إلى السلفية”.
لقد شوهت بعض ممارسات “السلفيين الجهاديين” منهج السلف، وقزمته في قضايا مرحلية الا وهي مسيل الدماء علما ان هذه الاخيرة لا تعدوا كونها وسيلة من الوسائل تخضع لفقه االمرحلة من حيث الضعف والقوة كما تقرر عند الاصوليين لا كما يفهمه المنخرطين في مافيا ترويج الاسلحة واستعمالها زعما لعبادة هي من اجل العبادات التي يلزمها خوف الله اولا ثم فقه رصين ورجاحة عقل وترجيح مصالح ، وانعزلت به عن الواقع، حتى صار الانتساب إلى السلف، والمناداة بالسنة منقصة في نظر الناس، إذ عندما يسمعون عن السلف “والسلفية” يظنون أنهم المختصون بالاحكام التكفير واصدار بطائق الاخراج من الملة والايغال في مسيل الدماء المعصومة التي لا يهضرها االا الشارع الحكيم بمقتضيات سطرت في كتب السنن… الخ الأمر الذي اضطرنا عند الانتساب إلى السلف أن نبيين للناس أن منهج السلف غير ما يرون، وخلاف ما يسمعون.
وكان من نتائج هذا الوضع أن عادت مقالات أهل الأهواء، ومناهجهم إلى الظهور، بعد أن عجز أهل السنة عن الارتفاع إلى مستوى منهجهم، والدعوة إليه، واستيعاب الناس الذين سروا بهم في البداية، ثم نبذوهم نبذ النوى، لما رأوهم تجمدوا عند قضايا لا يحيدون عنها. واعتقاد انه لن تقوم قائمة للاسلام الا باراقة الدماء والصراع المسلح وما علم هؤلاء ان النبي صلى الله عليه وسلم ما حارب الا اضطرارا وبايعاز من الله , وبمفهوم المخالفة انه العكس صحيح.
إن واقع “السلفيين الجهاديين ” بحاجة إلى دراسة ومراجعة! ومحاسبة مع الذات اولا ومع الفهم عن الله ثانيا ومع مكونات المجتمع الذي يعيش بين ظهرانيه لتحقيق الغاية المنشودة الا وهي تعميم الخير واخراج الناس من الظلمات الى النور عن طريق الحوار الفعال وعقد ندوات ومحاضرات تاسيا بالمصطفى صلى الله عليه وسلم ,والمأمول أن تكون هذه الدراسة دافعا للمخلصين الناضجين من أتباع المنهج! إلى دراسة الواقع وتشخيص حاجاته وأدوائه، وإلى إعادة دراسة أصول التوحيد ومقتضياته الملاءمة للعصر والمرحلة وفق منهج الله الذي هو رحمة للعالمين بعيدا عن التاثر بالاديولوجيا والافرازات الفكرية المجانية في الكثير من الاحيان صوابها والواقع يشهد بذالك، ومن ثم التفكير جدياً في إعادة جدولة الاهتمامات، وترتيب الأولويات.والخروج بمشروع يستوعب كافة مقتضيات المرحلة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وغيره …..
إن غض الطرف عن مبدأ التعديل (الذاتي) أوقع “السلفيين الجهاديين ” فيما انتقدوا عليه الناس قديماً، فنبذ التعصب للرجال، ومقولة الرجال يعرفون بالحق، وليس العكس، من أوائل المبادئ التي رفعوها، ثم لما أصبح لهم رجال رموز وقعوا في جدلية الرجال والمبادئ، صاروا يدورون حول الرجال وفوق المبادئ كبفما اتفق وان اسدلت بستار المنهج والجهاد والعجيب أنهم وقعوا في إشكالية الازدواجية في حمل المبدأ: فهم إذا تكلموا عن الآخرين اعني بهم من فهموا واستوعبوا روح النص اللازم اعماله وفق المرحلة”فكلامهم صراحة وتصحيح، وتقديم للمبادئ على العلاقات والأشخاص. أما إذا تكلم غيرهم عنهم، فلا بد أن يحترم العلماء والمجاهدون ، ويتأدب معهم، إنها ظاهرة الكيل بمكيالين!
ونحن في الحقيقة لا نطمع كثيرا بمن ارتبطت مصالحه “بالسلفية الجهادية بما عليها اليوم” في شكلها القائم، فإن من هذه حاله يصعب عليه الانعتاق من شبكة الفكر المرتطم و العلاقات المعقدة . وسيبقى اصحاب هذا الفكر رهينوا سلبية مقيتة ويسصعب عليهم مخالفة المحمسين لهم والتحيز الى الله ورسوله واجماع الامة,
ولكننا نخاطب الشباب المتعقل المعتقد بمنهج السلف الجهادي الصحيح الدي وان عرف الخطئ ومكمنه سارع الى تقويم الاعوجاج وتصحيح المسار، الذي يرى أن لا نهضة للمسلمين إلا بإحياء الشباب الذي لا مصلحة له. سوى النهوض بامر البلد والسير قدما نحو تطلعات مغرب جديد وفق اليات المرحلة لمواكبة كل التطورات المتعلقة بالتاسيس والبناء لصروح مجتمع سليم من الارتطام الفكري والتخبط المنهجي والايغال فيما انتقده اصحاب دالك المشروع انفسهم وهم الرموز من بينهم انه السبيل الاوحد لقيام منهج الله فوق ارض الله,
ولمخاطبة المسلمين ليعرفوا المنهج السلفي الحقيقي، وموقفه من القضايا المدروسة لعلنا نلتقي وإياهم لحمل الإسلام بدعوته؛ دعوة التوحيد… ومقتضياته المساهمة في تخليق الشان العام والتواصل مع مكونات المجتمع وفي الراهن المعيش,فمن البديهي عند كل مربي انه
لا يمكن لدولة الاسلام ان تقوم وحدها.. وانما لا بد ان تنشأ بين احضان الشعب المسلم.. لذلك لا بد من تربية الشعب اولاً تربية اسلامية ثم اقامة الدولة بعدها.. يعني لا يجوز مثل ان يقيموا الدولة بدون تربية الشعب على الاسلام اولاً..لان الشعب لن يتقبلهم اذا لم يكن مهيئاً لذلك “ولنا في السعودية وطالبان خير مثال على دالك,والعلاج الوحيد لكل ازمات الفكر السلفي الجهادي في مرحلتنا هته القطيعة مع الفكر الرغبوي ,
ما هو التفكير الرغبوي،؟…. انه ضربٌ من التفكير الذي ُتسيطر على ذهنية صاحبه رغباته، وتستعبده أهواؤه وأمنياته وشهواته، فلا يستطيع لذلك أن يرى الأمور بواقعية، ولا أن يُحللها بموضوعية وعدالة، فهو (لا يريد) أن يقتنع إلا بما يتوافقُ مع عواطفه وما يتمنى أن تكون عليه الأمور، ويتهربُ عادة من التفكير المنطقي السليم إذا كانت نتيجة هذا التفكير تتناقض مع قناعاته المبدئية، ولعل ذلك من أهم الأسباب التي جعلتهم يرفضون التعامل مع ضميمة الوقوف مع الذات والوسيلة والغاية والدراسة العلمية لمكامن الاخفاق والنجاح في المسار الدعوي ، بحجة أنها غير ملزمة ما دام ما عليه البعض هو تجسيد لحقيقة الاسلام وامتلاك للتصور الصحيح له، لذلك ترى السلفي الجهادي انتقائياً في الاستدلال، ينتقي من الأدلة ما يتوافق مع أهوائه، ويترك، أو يتجاوز، أو ُيضَعف، كل الأدلة الأخرى التي تدل إلى عكس ما ذهب إليه. ولأنه كذلك، تجد أن سياق خطابه المنطقي (مضطرب)، بعيداً عن العقلانية، ُمفعماً بالعواطف، لا يصمد طويلاً أمام النقد العقلي، أو المنهجي ..
وكما ترون، لا يمكن لهذا المنهج اللاعقلي أن يصمدَ أمام المنهج العقلي. ولأن ديننا ومنهجنا النبوي قائم على الاستدلال الصحيح بالنص الصريح واعمالا للقواعد المتفق عليها سلفا؛ لذلك فإن الفكر السلفي الجهادي في المغرب وان استمر على نفس منهجيته في التعامل مع قضيته لا يمكنه الخروج من الهوة السحيقة التي وضع نفسه فيها لزامنا وهو بهذه الصورة ، المهمشة لكل ما هو عقلي ومنطقي بعيد عن ، أن ينتج حلاً حضارياً لمتطلبات المشاركة الفعالة في تخليق الشان العام لبلدنا ، عاجز عن خلقِ البواعث والأسباب التي من شأنها إفراز حضارة حقيقية قادرة على المواكبة والمنافسة، وإقالة تخلفنا و عثرتنا الحضارية المتمثلة في كل المجالات، وليست مجرد حضارة لغة وأدب وفقه، مثلما كانت عليه ما تسمى بالحضارة العربية الإسلامية. ولعل هذه النقطة على وجه التحديد هي من أهم المعوقات الحضارية التي جعلت العربَ والمسلمين اليوم في ذيل ركب الحضارة المعاصرة ..وعيال عليها.
هناك مفصل هام في هيكلية الذهنية السلفية، وهو انشداده إلى الماضي، وكرهه للحاضربكل صروه ، وخوفه من المستقبل. فالزمن في الذهنية السلفية الجهاديةعبارة عن (منحنى)، يبدأ من عهد النبوة، ثم ينحدر مع الأيام، ليصبح ألامس هو الأفضل على الإطلاق، والغد هو الأسوأ مقارنة بالماضي، واليوم هو مرحلة زمنية هي أسوأ من الماضي، وأفضل من المستقبل.لذى تحتاج السلفية الجهادية برايي الى تقويم للتجربة والولوج الى مرحلة من البحث في العمق لتلك الاختلالات ومكامن الضعف من خلال دراسة واعية لادوات الهزيمة وتجليات البحث عن مكمن الخلل في التجربة من اجل اعادة خارطة الطريق الدعوية الى الواجهة التي رسمت لها بشكل بخدم مصالح الوطن المغربي والسير على درب اصلاح الهيكلة التنظيمية والتعاطي بحكمة مع كل مستجد والسعي لجعله في خدمة المسار الدعوي ويبقى تفعيل مضامين الدعوة هو المتراس الحقيقي امام كل العوائق كيفما كانت قوتها وسرعة تياراتها ولا يتاتى ذلك الا بالحوار العاقل الجاد الذي لم تنضج شروطه لدى هذا التيار بالمفهوم السياسي الداعي الى تصحيح الخلل الفكري لدى معتنقي الفكر السلفي الجهادي من حيث الممارسة. ان الشعور بالمسؤولية انطلاقا من الجانب الفكري مرورا بجانب الممارسة منطلقه ايمان صادق وانضباط بقواعد الوحي لانها تدفع العامل لدين الله ان يبلغ مراتب الكفاءة من حيث الاليات والاهداف لما هو موكل اليه من مهام و الترفع عما من شئنه تعزيز طموح العمل للدين بشكل مغلوط انطلاقا من انفعال حماسي لا منضبط، والترفع عن منطق التصحيح لما جانب الصواب في طريق الدعوة حيث الوقوف سلبيا ظنا ان التصحيح هو نوع مغامرة على حساب الشعبية والتفاف الناس واستعمال كل الحجج لتبرير الموقف القائم انحرافا.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *